نص السؤال :
ما الفرق بين النبي و الرسول و الولي؟ و ما صفات كل منهم؟
الجواب :
الفرق بين النبي والرسول عليهم الصلاة والسلام ، والولي
قد
يلتبس الأمر على الناس في الفرق بين النبي والرسول عليهم الصلاة والسلام ،
ولكن لا يلتبس هذا الأمر بينهما ، وبين الولي ، لأن الولي من أهم شورطه
اتباع نبي أو رسول ، وهو عبد صالح . وارجع إلى الفتوى ذات الرقم 488 موفقا لمعرفة من هو الولي ، وما هي صفاته .
أما عن الفرق بين النبي والرسول عليهم الصلاة والسلام فقد قال العلامة برهان الدين اللقاني رحمه الله :
النبوة
شرعا : إيحاء الله تعالى لإنسان عاقل حر ذكر بحكم شرعي تكليفي / سواء أمره
بتبليغه أم لا ، فهي أعم مطلقا من الرسالة ، إذ لا بد فيها مع ما ذكر من
الأمر بالتبليغ . والنبي شرعا : من له ذلك كالرسول ، سواء كان مع هذا كتاب
أم لا ، كان له شرع مجدد أم لا ، كان له نسخ لشرع من قبله أو بعضه أم لا ،
خلافا لمشترطي شيء من ذلك .
فكل رسول نبي من غير عكس ، فظهر الفرق بين
المفاهيم ، وأنها ليست مترادفة ولا متساوية ، ولا بين الرسول والنبي عموم
وجهي ، ولا متباينة بجعل الرسول صاحب الكتاب والشريعة ، والنبي من يحكم مع
الوحي إليه بما أنزل على غيره ، ومن توهم أن النبوة مجرد الوحي ومكالمة
الملك فقد حاد عن الصواب ، فقد كلمت الملائكة مريم وأم موسى ، ورجلا خرج
لزيارة أخ في الله وبلغته أن الله يحبه كحبه لأخيه فيه .
ولم تكن نبوة مُكتسبة *** ولو رُقي في الخير أعلى عقبة
بل ذاك فضل الله يؤتيه لمن *** يشاء جل الله واهب المنن
يعني
أن مذهب أهل الحق من المسلمين : أن النبوة لا تنال بمجرد الكسب بالجد
والاجتهاد ، ولو اقتحم العبد أشق العبادات الشبهة لمشتقيها رقي العقبات ،
وإنما هي تفضل من الله سبحانه يؤتيه من يشاء ممن سبق علمه وإرادته الأزليان
باصطفائه لها " الله أعلم حيث يجعل رسالته " .
وواجب في حقهم الأمانة *** وصدقهم وضف لها الفطانة
ومثل ذا تبليغهم لما أتوا *** ويستحيل ضدهما كما رووا
هذا
شروع في شرح قوله فيما مر ( ومثل ذا لرسله ) بعد ذكره وجوب معرفة ما يجب
له تعالى عقلا ، وما يجوز في حقه ، وما يستحيل عليه سبحانه ، فإن معناه :
أنه يجب شرعا على كل مكلف أن يعرف أيضا ما يجب عقلا للرسل الكرام عليهم
أفضل الصلاة والسلام ، وما يجوز في حقهم ، وما يستحيل عليهم . وملخصه : أن
ذاك ذكر إجمالي ، وهذا ذكر تفصيلي قدّم فيه الواجب لهم عقلا الذي هو أحد
أقسام الحكم العقلي لشرفه ، فقال ( وواجب في حقهم ) أي لهم ( الأمانة ) ،
والضمير فيه للرسل ، وإن لم يختص كل فرد مما ذكره بهم ، بل يساويهم
الأنبياء غير الرسل فيما عدا التبليغ والفطانة منه .
الواجب الأول
عن كل واحد من الواجبين غيره بامتناع معصية غير الكذب والتبليغ كالغيبة
والسرقة والخديعة . وينفرد الواجب الثاني عن كل واحد الواجبين غيره يمنع
الكذب سهوا فيما لم يؤمروا بتبليغه ، نسيانا مع التزامهم الصدق فيما بلّغوا
من ذلك ، لمنافاته لوجوب عموم التبليغ ، وليس معصية حتى ينافي الواجب
الأول ، وليس كذبا حتى ينافي الواجب الثاني ، والله أعلم .
ما ذكره
الناظم شروط عقلية للنبوة ، وأما الشروط الشرعية والعادية فقال السعد : من
شروط النبوة : الذكورة ، وكمال العقل ، والذكاء والفطنة ، وقوة الرأي - ولو
في الصبي كعيسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام ، والسلامة عن كل ما ينفر عن
الاتباع كدناءة الآباء ، وعهر الأمهات ، والغلظة ، والفظاظة ، والعيوب
المنفرة للطباع كالبرص والجذام ونحو ذلك ، والأمور المخلة بالمروءة كالأكل
على الطريق ، والحرف الدنيئة كالحجامة ، وكل ما يخل بحكمة البعثة من أداء
الشرائع وقبول الأمة . انتهى .
قلت : وزاد غيره الحرية والبشرية .
اشتراط البلوغ في النبي
واختلفوا
في اشتراطها بالبلوغ : فاعلم أنهم اتفقوا على أنه يجوز عقلا أن يبعث الله
نبيا صغيرا ، واختلفوا في وقوعه : فذهب الفخر إلى ذلك مستدلا بأن عيسى
ويحيى عليهم الصلاة والسلام أرسلا صبيين ، وهو ظاهر كلام السعد . وذهب ابن
العربي في آخرين إلى أنه لم يقع ، وتأولوا آيتي عيسى ويحيى " قال إني عبد
الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا " ، " وآتيناه الحكم صبيا " بأنه إخبار عما
سيجب لهما حصوله لا عمّا حصل لهما بالفعل . نعم بعثة نبينا صلى الله عليه
وعلى آله وسلم كانت على رأس أربعين عاما من مولده عام الفيل . قال الإبّي :
" وهو الأعم الأغلب في إرسال الرسل إلى أممهم عند بلوغهم الأشد ، وهو
الأربعون ، ومن الحكم الإلهية إخبار جبريل لنبينا صلى الله عليه وعلى آله
وسلم : أنه لم يكن النبي إلا عاش نصف عُمر الذي قبله ، وأنه أخبره أن عيسى
بن مريم صلوات الله وسلامه عليه عاش عشرين ومئة سنة " ، أي : لم يمكث في
الأرض كافا وداعيا لشريعته إلا تلك المدة ، وإذا نزل مكث ما تكون الثلاث
الزائدة على عقد الستين نصفه ، وأمّا مكثه في العالم العُلوي فلم يُحسب من
العمر لأنه ليس من الدنيا .
ومن شروطها أيضا : كون النبي أعلم من
جميع من يُبعث إليهم بأحكام الشريعة التي بُعث بها أصلية وفرعية ، ولم
يتعلم موسى من الخضر حُكما شرعيا ، وأما ما يتعلق بأمور الدنيا فلا يضرهم
عدم إتقانه على طريق ما يتقنه أهلها ، ولكن لا يجوز أن يقال إنهم لا يعلمون
شيئا من أمر الدنيا ، لأنه ربما يوهم البله والغفلة ، وقد سلف تنزهمم عنه .
يلتبس الأمر على الناس في الفرق بين النبي والرسول عليهم الصلاة والسلام ،
ولكن لا يلتبس هذا الأمر بينهما ، وبين الولي ، لأن الولي من أهم شورطه
اتباع نبي أو رسول ، وهو عبد صالح . وارجع إلى الفتوى ذات الرقم 488 موفقا لمعرفة من هو الولي ، وما هي صفاته .
أما عن الفرق بين النبي والرسول عليهم الصلاة والسلام فقد قال العلامة برهان الدين اللقاني رحمه الله :
النبوة
شرعا : إيحاء الله تعالى لإنسان عاقل حر ذكر بحكم شرعي تكليفي / سواء أمره
بتبليغه أم لا ، فهي أعم مطلقا من الرسالة ، إذ لا بد فيها مع ما ذكر من
الأمر بالتبليغ . والنبي شرعا : من له ذلك كالرسول ، سواء كان مع هذا كتاب
أم لا ، كان له شرع مجدد أم لا ، كان له نسخ لشرع من قبله أو بعضه أم لا ،
خلافا لمشترطي شيء من ذلك .
فكل رسول نبي من غير عكس ، فظهر الفرق بين
المفاهيم ، وأنها ليست مترادفة ولا متساوية ، ولا بين الرسول والنبي عموم
وجهي ، ولا متباينة بجعل الرسول صاحب الكتاب والشريعة ، والنبي من يحكم مع
الوحي إليه بما أنزل على غيره ، ومن توهم أن النبوة مجرد الوحي ومكالمة
الملك فقد حاد عن الصواب ، فقد كلمت الملائكة مريم وأم موسى ، ورجلا خرج
لزيارة أخ في الله وبلغته أن الله يحبه كحبه لأخيه فيه .
ولم تكن نبوة مُكتسبة *** ولو رُقي في الخير أعلى عقبة
بل ذاك فضل الله يؤتيه لمن *** يشاء جل الله واهب المنن
يعني
أن مذهب أهل الحق من المسلمين : أن النبوة لا تنال بمجرد الكسب بالجد
والاجتهاد ، ولو اقتحم العبد أشق العبادات الشبهة لمشتقيها رقي العقبات ،
وإنما هي تفضل من الله سبحانه يؤتيه من يشاء ممن سبق علمه وإرادته الأزليان
باصطفائه لها " الله أعلم حيث يجعل رسالته " .
وواجب في حقهم الأمانة *** وصدقهم وضف لها الفطانة
ومثل ذا تبليغهم لما أتوا *** ويستحيل ضدهما كما رووا
هذا
شروع في شرح قوله فيما مر ( ومثل ذا لرسله ) بعد ذكره وجوب معرفة ما يجب
له تعالى عقلا ، وما يجوز في حقه ، وما يستحيل عليه سبحانه ، فإن معناه :
أنه يجب شرعا على كل مكلف أن يعرف أيضا ما يجب عقلا للرسل الكرام عليهم
أفضل الصلاة والسلام ، وما يجوز في حقهم ، وما يستحيل عليهم . وملخصه : أن
ذاك ذكر إجمالي ، وهذا ذكر تفصيلي قدّم فيه الواجب لهم عقلا الذي هو أحد
أقسام الحكم العقلي لشرفه ، فقال ( وواجب في حقهم ) أي لهم ( الأمانة ) ،
والضمير فيه للرسل ، وإن لم يختص كل فرد مما ذكره بهم ، بل يساويهم
الأنبياء غير الرسل فيما عدا التبليغ والفطانة منه .
الواجب الأول
عن كل واحد من الواجبين غيره بامتناع معصية غير الكذب والتبليغ كالغيبة
والسرقة والخديعة . وينفرد الواجب الثاني عن كل واحد الواجبين غيره يمنع
الكذب سهوا فيما لم يؤمروا بتبليغه ، نسيانا مع التزامهم الصدق فيما بلّغوا
من ذلك ، لمنافاته لوجوب عموم التبليغ ، وليس معصية حتى ينافي الواجب
الأول ، وليس كذبا حتى ينافي الواجب الثاني ، والله أعلم .
ما ذكره
الناظم شروط عقلية للنبوة ، وأما الشروط الشرعية والعادية فقال السعد : من
شروط النبوة : الذكورة ، وكمال العقل ، والذكاء والفطنة ، وقوة الرأي - ولو
في الصبي كعيسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام ، والسلامة عن كل ما ينفر عن
الاتباع كدناءة الآباء ، وعهر الأمهات ، والغلظة ، والفظاظة ، والعيوب
المنفرة للطباع كالبرص والجذام ونحو ذلك ، والأمور المخلة بالمروءة كالأكل
على الطريق ، والحرف الدنيئة كالحجامة ، وكل ما يخل بحكمة البعثة من أداء
الشرائع وقبول الأمة . انتهى .
قلت : وزاد غيره الحرية والبشرية .
اشتراط البلوغ في النبي
واختلفوا
في اشتراطها بالبلوغ : فاعلم أنهم اتفقوا على أنه يجوز عقلا أن يبعث الله
نبيا صغيرا ، واختلفوا في وقوعه : فذهب الفخر إلى ذلك مستدلا بأن عيسى
ويحيى عليهم الصلاة والسلام أرسلا صبيين ، وهو ظاهر كلام السعد . وذهب ابن
العربي في آخرين إلى أنه لم يقع ، وتأولوا آيتي عيسى ويحيى " قال إني عبد
الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا " ، " وآتيناه الحكم صبيا " بأنه إخبار عما
سيجب لهما حصوله لا عمّا حصل لهما بالفعل . نعم بعثة نبينا صلى الله عليه
وعلى آله وسلم كانت على رأس أربعين عاما من مولده عام الفيل . قال الإبّي :
" وهو الأعم الأغلب في إرسال الرسل إلى أممهم عند بلوغهم الأشد ، وهو
الأربعون ، ومن الحكم الإلهية إخبار جبريل لنبينا صلى الله عليه وعلى آله
وسلم : أنه لم يكن النبي إلا عاش نصف عُمر الذي قبله ، وأنه أخبره أن عيسى
بن مريم صلوات الله وسلامه عليه عاش عشرين ومئة سنة " ، أي : لم يمكث في
الأرض كافا وداعيا لشريعته إلا تلك المدة ، وإذا نزل مكث ما تكون الثلاث
الزائدة على عقد الستين نصفه ، وأمّا مكثه في العالم العُلوي فلم يُحسب من
العمر لأنه ليس من الدنيا .
ومن شروطها أيضا : كون النبي أعلم من
جميع من يُبعث إليهم بأحكام الشريعة التي بُعث بها أصلية وفرعية ، ولم
يتعلم موسى من الخضر حُكما شرعيا ، وأما ما يتعلق بأمور الدنيا فلا يضرهم
عدم إتقانه على طريق ما يتقنه أهلها ، ولكن لا يجوز أن يقال إنهم لا يعلمون
شيئا من أمر الدنيا ، لأنه ربما يوهم البله والغفلة ، وقد سلف تنزهمم عنه .